يطلق عارض الزلال البولي على حالة فقد البروتينات في البول. والبروتينات هي مركبات عضوية معقّدة التركيب ذات وزن جزيئي عالٍ وتتكون من أحماض أمينية ترتبط مع بعضها بواسطة روابط ببتيدية. وتتواجد البروتينات في كل جزء من أجزاء الجسم من عضلات وعظام وجلد وأظافر وشعر، كما أن بروتينات الدم تقوم بعدة وظائف منها حماية الجسم من العدوى والمساعدة في تجلط الدم والمحافظة على كمية السوائل الموجودة بالدورة الدموية. وعندما يمر الدم بالكليتين عند الشخص السليم فإنه يترك عوادم الجسم و فضلاته ويحتفظ بما يحتاجه الجسم من مواد هامة ومنها البروتينات حيث أن معظم جزيئات البروتينات يكون حجمها كبير ولا تستطيع المرور من خلال مرشحات الكلى إلى البول إلا في حالة وجود تلف بالكلى.
والبروتين الرئيسي الذي يمكن أن يكون في هذه الحالات متواجد بالبول هو الألبومين albumin، وتستطيع البروتينات أن تتسرب من الدم إلى البول في حالة وجود تلف بمرشحات الكلى والتي تسمى كبيبات الكلى، وهي الحالة التي تسمى الزلال البولي كما اسلفنا.
ويعتبر الكثير من العلماء أن نزول البروتين بالبول سام للكلى، والإجماع الطبي في هذا الشأن أن التقليل من البروتين المفقود بالبول من خلال العلاج يعتبر ضروري لحماية الكلى.
ومن أهم وظائف البروتينات الاحتفاظ بالسوائل في الدم، ويعتبر العلماء هذه المادة بمثابة قطعة الإسفنج التي تجمع الماء الزائد عن المعدل الطبيعي بأنسجة الجسم والذي قد يحدث نتيجة عدة أمراض مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم او نتيجة حدوث أمراض بالكلى مثل التهاب كبيبات الكلى. وتظهر الأبحاث أن كمية البروتينات الموجودة بالبول ونوعها (سواء كانت ألبومين فقط أو أنواع أخرى من البروتين) هي مؤشر قوي لمدى وجود تلف بالكلى وأيضا مؤشر قوى لمدى تقدم المرض في اتجاه حدوث الفشل الكلوي.
كما يعتبر العلماء أن فقدان البروتين بالبول مؤشر يدل على حدوث ضرر لبطانة الأوعية الدموية وهذا يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
أسباب فقدان البروتين في البول:
الزلال البولي يكون على نوعين؛ النوع الأول هو زلال البول المؤقت: وهو موجود عند 4-7% من الأشخاص، ويعتبر مرضا حميدا، حيث يظهر فقط عند تعرض الجسم لظروف معينة فقط، كممارسة التمارين الرياضية القوية، او الوقوف الطويل، أو عند الإصابة بالحمى أو الإفراط في تناول الملح. أما النوع الثاني فهو زلال البول المزمن: وهو ناتج عن عدة أسباب مرضية ومن اهمها:
1- الأمراض التي تصيب نسيج الكلى مثل التي تسبب المتلازمة الكلوية (Nephrotic syndrome).
2- مقدمات تسمم الحمل اوتسمم الحمل الفعلي.
3- بعض الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمراء الجهازية.
4- الإصابة بداء السكري.
5- ارتفاع ضغط الدم.
6- الإصابة بفيروسات الكبد (B و C).
أعراض وعلامات فقدان البروتين في البول:
1- وجود كمية كبيرة من البروتين بالبول يجعل البول ذو رغوة.
2- تجمع السوائل الزائدة بأنسجة الجسم ويعود ذلك الى أن نقص البروتين بالدم بسبب فقدانه بالبول وهذا يقلل من عمله كقطعة الإسفنج التي تمسك بالسوائل الزائدة عن أنسجة الجسم فيحدث تورم باليدين والقدمين والوجه وتحت العينين و البطن.
ومن الأعراض الأخرى: زيادة الوزن وفقدان الشهية وارتفاع ضغط الدم ونقص كمية البول، كما يكون المريض عرضة للإلتهابات الجرثومية الحادة في الجسم نتيجة ضعف مناعته.
وهنا تجب الإشارة الى ان الأعراض السابقة قد تكون عند فقدان كمية كبيرة من البروتين في البول، ولكن من ناحية اخرى قد يحدث فقدان للبروتين دون أعراض ظاهرة، ولذلك تكون التحاليل هي المؤشر لوجود البروتين بالبول من عدمه.
التحاليل والفحوص لتحديد فقدان البروتين في البول:
من ابسط الوسائل التي يتم الكشف بها عن البروتين في البول هو استخدام شرائط تحليل البول اللونية الكاشفة التي تحتوي على صبغة بروموفينول الزرقاء، والتي يتغير لونها عند غمسها بالبول. و تستطيع معظم أنواع هذه الأشرطة قياس البروتين عندما يزيد معدل خروجه من الجسم مع البول عن 300 مليجرام من البروتين في اليوم وهو ما يسمى بالماكروألبومينوريا أما الكمية الأقل من ذلك فتسمى ميكروألبومينوريا، ويوجد حاليا أنواع من الأشرطة تستطيع الكشف عن الكميات القليلة هذه.
كما يجب عمل التحاليل المخبرية التي تحدد كمية البروتين الموجودة بالبول وخاصة للمرضى المعرضين للإصابة بأمراض الكلى مثل مرضى السكري وذلك عن طريق جمع البول لمدة 24 ساعة في حافظة خاصة تسلم للمختبر اليوم التالي لغرض التحليل. ويتم تشخيص الإصابة بالزلال البولي المزمن إذا كانت نسبة الزلال 30-300 مليجرام في كمية بول لمدة 24 ساعة، كما يمكن تحديد نسبة البروتين إلى الكرياتنين protein-to-creatinine)) أو نسبة الألبومين إلى الكرياتنين (albumin-to-creatinine ratio) بنفس التحليل.
وفى حالة وجود نسبة عالية من البروتين بالبول يجب إعادة التحليل بعد أسبوعين، وفى حالة تكرار وجوده بنسبة عالية أيضا فإن ذلك يكون مؤشر لوجود فقدان مستمر للبروتين بالبول وعند ذلك يجب الاستمرار في عمل فحوص أخرى لتقييم وظائف الكلى كما تجرى تحاليل لتحديد نسبة اليوريا والكرياتنين بالدم لمعرفة قدرة الكلى على التخلص من فضلات الجسم. وقد يحتاج الطبيب المعالج لأخذ عينة من نسيج الكلية لدراستها لتحديد سبب الزلال البولي.
علاج الزلال البولي:
من الأهمية تحديد المسبب الرئيسي للزلال البولي وعلاجه او حتى التحكم فيه ان كان العلاج متعذر وذلك لحماية الكلية والمحافظة على وظائفها، ومن النقاط المهمة في هذا الجانب:
1- استخدام مستحضرات الإسترويد مثل الكورتيزون ومثبطات المناعة مثل السايكلوسبورين تحت الإشراف الطبي الكامل عندما يكون السبب هو المتلازمة الكلوية المذكورة سابقا.
2- يجب ضبط مستوى السكر في الدم عند مرضى السكرى ومتابعة قياسه و إتباع نظام غذائي صحي وممارسة قدر من الرياضة وأخذ العلاج المناسب لهم، وفي العادة فإن المرضى الذين يعانون من السكري وارتفاع الضغط معا يصف لهم الطبيب المختص أدوية تحفظ لهم الضغط عند مستوى اقل من 130 على 80 ومن الأفضل في أغلب الحالات إعطاؤهم المجموعة الدوائية التي تعمل من خلال تثبيط مادة الأنجيوتنسين ACE أو إلغاء تأثيرها من خلال مجموعة دوائية مشابهة تسمى اختصارا ARBs وهذه المجموعة الدوائية علاوة على حفاظها على ضبط ضغط الدم فإنها تحافظ على الكلى وتمنع زيادة التلف بها.
3- أما بالنسبة الى مرضى ارتفاع ضغط الدم فقط ولا يعانون من مرض السكري فيصف الأطباء لهم الأدوية السابق ذكرها مع أدوية أخري مثل مدرات البول، وفي كل الأحوال يجب حفظ الضغط الدموي عندهم على معدل أقل من 130 على 80.
4- كما ينصح الأطباء في حالات الزلال البولي بتقييد كمية ملح الطعام والبروتين التي يتناولها المريض ويمكن الاستعانة بمتخصص في التغذية للمساعدة في اتباع برنامج غذائي صحي في هذه الحالات.